تحت عنوان:
قرار الحكومة "بحصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها” نقاش في الميثاقية والشرعية في أوتيل كراون بلازا-الحمرا
قدّمت خلال الندوة ورقة عمل، للمناقشة.
يمكنكم متابعة الندوة على فيس بوك على الرابط التالي https://www.facebook.com/share/v/1A5nWFrG9n/
❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
كلمة الافتتاح لمدير عام المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق د. عبد الحليم فضل الله في افتتاح الندوة تحت عنوان "قرار حصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها: نقاش في الميثاقية والمشروعية" وقال الدكتور فضل الله:
لا تريد الندوة الدخول في النقاش السياسي المباشر، وهو نقاش مطلوب في أي حال للوصول بالأمور إلى نصابها الصحيح، بل الحوار بشأن الأسس القانونية والدستورية لسياساتنا العامة ونظامنا السياسي، ومنها قرارات الحكومة المذكورة، وفككك المزعـم الذي تهدد وتكرر، وكأن:
الزعم الأول: أن لا سبيل للبنان ليكون دولة عادية في حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
لكن هل نظامنا السياسي "نظام عادي" أساساً؟
1. الميثاقية التي هي عماد هذا النظام، لا تشكل بالتعريف استثناء عن القاعدة التي تقوم عليها الأنظمة السياسية، فالميثاقية تتضمن في جوهرها ما يعبر لكنّه متقدّم مبدأ المساواة الواجبة احتراماً، وفقًا لمعايير العدالة التوافقية التشاركية وجلب رضا الجماعات المكوّنة للمجتمع.
وهذا ما يجعل السياسات العامة في لبنان خاضعة عليه بمقياس قبول المواطنين، وتتنافر مع عمومية لا تتصف بالخصوصية.
2. ونظامنا السياسي أيضًا قائم على استثناء داخل الاستثناء. فما زلنا منذ أربعة عقود ندور في جمود ميثاقي دستوري، لم نضع بعد الخطة المرحلية لإنهاء الميثاقية السياسية ووضع المواد 95 و22 و24 من الدستور وغيرها موضع التنفيذ. بل نعمل بخلاف بنود وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، ومعظمها صار مواد دستورية، إلا أننا نعيش الحرب الأهلية ونحقق قدراً من التمثيل العادل للطوائف في تشكيل الوزارة والمناصفة الطائفية النسبية المذهبية في توزيع مقاعد مجلس النواب.
3. ونظامنا السياسي في حالة استثناء أيضًا، لأنه اتفق في تأدية وظائفه الأساسية في رعاية شؤون المواطنين فيعالج ما يجب معالجته من ثغرات تحقق الاستقرار، ثم في تشكيل السلطة وتداولها واتخاذ القرارات وتنفيذها، مع الحفاظ في الوقت نفسه على ميثاق العيش المشترك.
والإشكال كثير على التعارض بين قابلية السلطة من جهة، ووسع تمثيلها للجماعات من جهة ثانية. بل يمكن القول إن النظام ما زال عالقاً بين فكّي التعطيل أو السمن بالاتفاق.
الزعم الثاني: أن حصرية السلاح تخدم السيادة، وتكرّس إمساك الدولة بالقرار.
لكن كيف تُرسم السياسات العامة في هذا البلد، وبأي يد ومن؟
1. لا نملك سياسات دفاعية، وأقصى ما فعلناه، بفضل جهود من فدوا الحرب الأهلية التي بحثت في توحيد الجيش اللبناني، هو تحديد من هو العدو: "إسرائيل" والإرهاب، دون توصيف المصطلح، والخلط بينه وبين غيره (عند بعضهم: صديق عدوّ صحفي، وعدوّ حقيقي؟!).
2. والسؤال العالق: كيف نواجه هذين العنوانين، ومن خلال أي استراتيجيات؟ لنتذكّر أن أي تسليح حديث للقوى العسكرية في الكيان الإسرائيلي ممنوع دوليًا في المنح والمبيعات العسكرية التي تُمنح من أصدقاء للبنان، وتُفكّك المعدات القديمة وتُرسل ليظهروا تهديد الكيان. بل إن السلاح الذي حصلنا عليه لزعم مواجهة الجماعات المسلحة في الداخل أو على الحدود، يأتي استعماله بشروط معلنة وأُسِرّ بعضها بعد القتال. ولم يكن لنا في لبنان وإرادته الوطنية، أيّ مواجهة هذا القهر الاستراتيجي الذي نتعرض له، وإبراز خيانتنا جعل دولتنا منزوعة السلاح، إلا أن يكون هذا مرفوضًا استثنائيًا في حفظ السيادة والدفاع عن الحدود والمقاومة على رأس ذلك.
3. وسياستنا الخارجية غير مستقرة ومنقوصة الاستقلالية، وتنتقل من مبدأ إلى آخر دون نصير بالنفس وسياسة الأحلاف، والعلاقات المميزة والوصاية تحت مسميات التضامن العربي تارة، والعلاقات المميزة وتلازم المسارات تارة أخرى، دون أن يكون لنا بصمتنا الخاصة وفعلنا المستقل.
وهذا هو حالنا اليوم، لا نملك عقيدة متماسكة ومنسقة ومحط إجماع في السياسة الخارجية، بل عبارات يردّد منها كل شيء واحد، مهما كان الشعار، نقل لبنان من ضفة إلى ضفة أخرى دون فهم للعلاقات الإقليمية إلى فهم آخر.
4. والسياسة الاقتصادية قائدة لأنني مقومات السيادة، تَزُجّ البلد إلى خيارات متنازعة وإلى نزاع المصلحة العامة، فتُسقط من الفرص الوفيرة في الاستثمار والمشاريع الكبرى الآتية من الشرق، وجعلنا التمويل بالدين بديلًا للتمويل بالإيرادات الحقيقية، والتمويل الخارجي بالآجل الكلفة، بديلًا للتمويل الذاتي الداخلي، ولم ننزل ما يجب من جهد لحماية مواردنا الطبيعية وحفظها واستثمارها. واستسلمنا للعقوبات وجعلناها جزءًا من سلتنا القانونية عوض مقاومتها.
والزعم الثالث: أن حصرية السلاح تقود إلى الاستقرار والوفرة. لكن كيف يكون الاستقرار وحصر السلاح يرتبط، في لبنان وفلسطين، بشروط تجعله خطراً وجودياً، كالهندسة الاجتماعية والثقافية والأيديولوجية لمجتمعات المقاومة، والقضاء على بنياتها المنتجة، وفتح النقاش بشأن جذورها الثقافية يُعرض استدامتها؟
وكيف يأتي الأمن والوفرة، ونحن نرى تاريخ الدول التي قدّمت سياساتها وسياستها على طبق من فضة لمآكلها، كيف كانت على حافة الانهيار السياسي والأمني والتفكك والفقر؟
وإذا كان الزعم الرابع هو أن السلاح يسيء بالمساواة بين اللبنانيين، فإن المقاومة بصيغتها الدفاعية نضال غير قابل للتجزئة ولا يمكن تجزئة آثاره ومفاعيله في حماية البلد ومنع استباحته.
وعليه، فإن النقاش في ميثاقية ومشروعية قرارات الحكومة لطلب حماية مرتكزات الدولة والنظام السياسي ينضبط النظر عن رأينا فيه هو:
- دفاع عن العقد السياسي (والاجتماعي برأي بعضهم) الذي قام عليه البلد.
- ودفاع عن الدستور ما دام أن الميثاق صار جزءًا من الدستور.
- ودفاع عن السياسات العامة التي ارتبطت بدورنا والتحقق به.
- ودفاع عن المؤسسات التي إن لم تكن ميثاقية فلن تكون مؤسسات للبعض.
سنبقى متمسكين بشرعية المقاومة ومشروعيّتها معًا، ويكونها التجربة الوطنية الأكثر عمقًا في الرد على الأسئلة الكيانية، والتعامل مع التهديدات الوجودية.